رويترز: إعتصامات الإخوان تهدد الأمن القومى المصرى.. وتحركات الجماعة "انتحار سياسي"
وقف ناشط خلف أكياس من الرمال في اعتصام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر يحدث أنصارها عن فضائل الشهادة.
لم يكن ما قاله دعوة لحمل السلاح وإنما رسالة تحضهم على ألا يخشوا الموت في اعتصامهم المناهض لقرار الجيش عزل الرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي.
وقال الناشط في مكبر للصوت بينما حمل الأنصار أكفانا رمزية لتأبين أكثر من 100 من أنصار مرسي قتلوا بالرصاص في الشوارع "الشهداء لا يموتون. الشهداء يدخلون الجنة."
وتتعرض الجماعة لواحدة من أشرس حملات الملاحقة في تاريخها وتستخدم مثل هذا الخطاب كاستراتيجية للبقاء فتحرك أتباعها في إطار تصوير الأحداث على أنها مواجهة بين الحق والباطل.
وأشارت الحكومة أمس الأربعاء إلى أنها قد تصعد الموقف وقالت إن اعتصامي الإخوان في منطقة رابعة العدوية وميدان نهضة مصر يمثلان تهديدًا للأمن القومي المصري ولا يمكن أن يستمرا وأحالت ثلاثة من كبار قادة الجماعة إلى محكمة الجنايات.
وقد تصيغ الطريقة التي يتعامل بها الإخوان المسلمون مع هذه الأزمة مصير الإسلاميين في منطقة الشرق الأوسط.
ويضغط معارضو الإسلاميين على جماعات تنتهج فكر الإخوان في تونس وليبيا وذلك بعد أن تشجعوا بتدخل الجيش لعزل مرسي في مصر.
ويبدو وضع جماعة الإخوان في مصر بائسا حتى رغم حديث زعمائها بنبرة ملؤها الأمل عن الانتصار على قادة الجيش الذين يتهمون الجماعة بالتحريض على العنف وحمل السلاح.
وتقول الجماعة التي نبذت العنف منذ عقود إن هذا سيكون بمثابة انتحار سياسي.
كما ستخسر الجماعة التي كانت تعمل في السر لعقود قبل الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في 2011 الصورة المثالية التي تسعى لابرازها.
ويتمنى الإخوان أن يحرم اعتصام أنصارهم في شمال شرق القاهرة الحكومة التي يدعمها الجيش من عودة الحياة إلى طبيعتها وبالتالي عودة الاقتصاد إلى مساره. وكان هذا هو الأسلوب نفسه الذي اتبعته المعارضة مع مرسي إلا أن خيارات الاخوان محدودة.
وقال خليل العناني وهو خبير في شؤون جماعة الإخوان ويعمل في جامعة درم ببريطانيا "موقفهم ضعيف. ليست لديهم أي أوراق أخرى في الوقت الحالي."
وفي نفس الوقت يرى الاخوان إن العدد المتزايد للقتلى من أنصار الجماعة سيصعب الأمر على الحكومة دوليا.
ويحاول قادة الجماعة عرض قضيتهم في الخارج عبر وسائل الإعلام العالمية بل ويدعون الصحفيون للقيام بجولات في مقر الاعتصام مع مسؤولين كانوا حتى الشهر الماضي فقط وزراء في الحكومة المصرية.
وقال سعد الحسيني السياسي البارز في الإخوان والذي كان محافظا لكفر الشيخ في ظل حكم مرسي "نحن محاصرون دون شك ولكننا نحاصرهم أيضا."
ومثل قياديين آخرين في الجماعة يرى الحسيني أن الجيش في مأزق لأن فض الاعتصام بالقوة سيخلف الكثير من القتلى.
وقال "إن ما حدث يوم السبت درس قاس للغاية" مضيفا أن قوات الأمن ستضطر لقتل مئة ألف شخص لفض الاعتصام. وقتلت قوات الأمن أكثر من 80 من مؤيدي مرسي يوم السبت.
وقال الحسيني "أنا متفائل."
لكن مسوغات التفاؤل تبدو محدودة خارج اعتصام الاسلاميين الذي يقوم متطوعون مسلحون بعصي ودروع كتبت عليها عبارة "مشروع شهيد" بتأمينه. وارتدى المتطوعون قبعات وخوذات لحماية الرأس.
وأثار العنف الذي أعقب عزل مرسي قلقا في الغرب من اشتعال الموقف أكثر في مصر التي توجد بها قناة السويس وتحصل على 1.3 مليار دولار سنويا في شكل مساعدات عسكرية أمريكية لدعم اتفاقية السلام مع إسرائيل الموقعة عام 1979 .
وانقلب المزاج الشعبي ضد الاخوان بعدما اتهم مرسي بالسعي ليصبح ديكتاتورًا جديدًا خلال أول عام له في الرئاسة.
ونزل الملايين إلى الشوارع يوم 26 يوليو بعدما طلب وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي منحه تفويضا شعبيا لمحاربة "العنف والارهاب".
وتظاهر معارضون لفصائل إسلامية في تونس وليبيا بعدما شجعهم تغير الأحداث في مصر.
وقال حزب النهضة الاسلامي التونسي أول أمس الثلاثاء إنه مستعد لتشكيل حكومة جديدة وكان هذا الطلب قد قدم لمرسي لكنه كان غير مستعد له أو غير قادر على تنفيذه. وقالت مونيكا ماركس وهي محللة في تونس "أصيب حزب النهضة بالذعر لما حدث في مصر.. فهو بالفعل سيناريو كابوسي بالنسبة لهم."
وحتى الآن تبدو الدولة وبمساعدة قوات الأمن التي عهدت قمع الإسلاميين عازمة على مواصلة الضغط على الاخوان المسلمين الذين يتمنون العودة إلى مضمار السياسة في ظل الظروف المناسبة.
وقال فريد إسماعيل وهو سياسي كبير في الجماعة إن هذه هي أصعب مرحلة على الإطلاق.
ويشتكي أقارب قياديين في الإخوان اعتقلوا في الإجراءات الاخيرة ضد الجماعة لاتهامات تدور في الأغلب حول التحريض على العنف من أساليب عنيفة استخدمتها الشرطة. وقد يشير هذا إلى تشدد الدولة وينذر بأوقات أصعب في المستقبل.
وقالت زوجة خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين إن الشرطة اعتادت أن تطرق الباب قبل أن تدخل لاعتقال زوجها خلال أيام مبارك.
وقالت عزة توفيق في قناة تلفزيونية تؤيد الإخوان "كسروا الباب هذه المرة ووجدتهم يقفون بجانبي في غرفة النوم. "صوروا زوجي وهو يرتدي ملابسه." وتؤجج مثل هذه المعاملة الغضب في داخل جماعة الإخوان.
ورغم ما يقوله قادة الجماعة وأعضاؤها عن التزامهم بالاحتجاج السلمي فإن هناك إشارات على أن القيادة بدأت تفقد زمام السيطرة.
ويقول قادة الإخوان إنهم لم يتمكنوا من السيطرة على النشطاء الشبان عندما تحولت احتجاجات في الاونة الاخيرة إلى العنف.
وعبر البعض عن مخاوف من أن تؤدي الاطاحة بمرسي إلى ظهور اتجاهات أكثر تشددا بين الاسلاميين.
ويقول محللون إن هذا الأمر قد يضعف جماعة الإخوان ويؤدي إلى انقسامها في نهاية المطاف.
ورغم الاحساس بالحصار يقول قادة الإخوان إنهم لن يلجأوا أبدا للعنف. والجيش أقوى من أن يهزم.
وقال جمال حشمت المسؤول في الإخوان والذي اعتقل ولداه منذ عزل مرسي "اللجوء للعنف هيخسرنا قضيتنا."
ويأمل الاخوان أن يرضى أنصارهم بالانتظار في الاعتصام المنظم والمزود بأقسام للطبخ يعمل بها متطوعون وبها العشرات من أجهزة التبريد وتنتج عشرات الالاف من الوجبات يوميا.
وبعد إلقاء القبض على قيادات بارزة في الجماعة يتساءل الكثيرون عن قدرة الاخوان على الخروج من الأزمة. وقال ناثان براون أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن "إن الإشارات التي يبعث بها النظام في الوقت الحالي مرعبة. إن جماعة الاخوان تواجه صعوبة في التصرف لأن مهندسي استراتيجيتها السياسية الحالية في السجن."
..............
0 التعليقات :
إرسال تعليق